ط
أخر الاخبار

حق الاجتماع والتظاهر السلمي وفقاً للدستور وأحكام القضاء الدستوري

 حق الاجتماع والتظاهر السلمي وفقاً لنصوص الدستور:


تقضي المادة (73) من الدستور بأن:

" للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحاً من أي نوع، بإخطار على النحو الذي ينظمه القانون. وحق الاجتماع الخاص سلمياً مكفول، دون الحاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصت عليه ".


حق الاجتماع والتظاهر السلمي وفقاً للدستور وأحكام القضاء الدستوري
حق الاجتماع والتظاهر السلمي وفقاً للدستور وأحكام القضاء الدستوري


وقد جاءت المادة المذكورة إقراراً من الدستور بحق الاجتماع وما يتفرع عنه من حقوق كالحق في تنظيم المواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، باعتبار أن حق الاجتماع هو الملاذ الأمثل والبيئة الأفضل لممارسة حرية التعبير.


حيث تتفاعل الآراء من خلاله، وتتلاقى الأفكار وتتصادم عبره، وتنضج المفاهيم وتصقل الخبرات عن طريقه، استيلاداً لرؤى أكثر تطوراً، يساهم بها الأفراد في بناء مستقبل أكثر إشراقاً لمجتمعاتهم.


أهمية الحق في الاجتماع والتظاهر السلمي:


ولا شك أن سماح الدستور بالحق في الاحتجاج سلمياً يكفل التقارب بين الفرد والدولة بما يخدم الصالح العام، حيث يمكن للمواطن أن يبلغ احتجاجه للدولة في صورة واضحة ومنظمة، وتحدد الدولة من خلال الاحتجاجات السلمية مردود تصرفاتها في الشأن العام على المواطنين.


وقد اشترط الدستور في الاحتجاجات أن تكون " سلمية "، ولا شك في ضرورة تفسير هذه السلمية بمعناها الواسع، بأن تكون تلك الاحتجاجات سلمية في مظهرها بخلوها من أي أعمال عدوانية بأي صورة كانت، وسلمية كذلك في جوهرها بأن لا تخرج أهدافها عن نطاق المشروعية.


فلا يجوز على سبيل المثال أن تخرج تظاهرات أو احتجاجات تدعو الى التمييز بين فئات المجتمع أو الحض على الكراهية، أو الدعوة إلى أي شيء يخالف مبادئ الدستور.


التنظيم التشريعي للحق في التظاهر السلمي والاجتماع:


وتنظيماً للحق في الاجتماع والتظاهر السلمي، صدر قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم (107) لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، جرَّم المشرع من خلاله الأفعال التي تُسْقِط الحماية الدستورية عن الحق في الاجتماع والتظاهر السلمي، حال اقتران الاجتماعات أو التظاهرات بمثل هذه الأفعال.


فنصت المادة السادسة منه على أن:

" يحظر على المشاركين في الاجتماعات العامة أو المواكب أو التظاهرات حمل أية أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو ألعاب نارية أو مواد حارقة أو غير ذلك من الأدوات أو المواد التي تعرض الأفراد أو المنشآت أو الممتلكات للضرر أو الخطر، كما يحظر عليهم ارتداء الأقنعة أو الأغطية لإخفاء ملامح الوجه بقصد ارتكاب أي من تلك الأفعال ".

كما نصت المادة السابعة منه على أنه:

" يحظر على المشاركين في الاجتماعات العامة أو الموكب أو التظاهرات الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذاؤهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثير على سير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطرق أو المواصلات أو النقل البري أو المائي أو الجوي أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعريضها للخطر".


وعاقب المشرع على الأفعال الواردة بالمادتين السابقتين بمقتضى المواد من 16 إلى 22 من القانون المذكور.


أما عن نطاق ممارسة الحق الدستوري في الاجتماع والتظاهر السلمي؛ فقد قرر الدستور أن يمارس هذا الحق بمقتضى (الإخطار) على النحو الذي ينظمه القانون.


وقد نظم القرار بقانون رقم (107) لسنة 2013 ممارسة الحق في الاحتجاج السلمي بمقتضى المادة (8) منه والتي نصت على أنه:

" يجب على من يريد تنظيم اجتماع عام أو تسيير موكب أو تظاهرة أن يخطر كتابة بذلك قسم أو مركز الشرطة الذي يقع بدائرته مكان الاجتماع العام أو مكان بدء سير الموكب أو التظاهرة، ويتم الإخطار قبل بدء الاجتماع أو الموكب أو التظاهرة بثلاثة أيام عمل على الأقل، على أن يتم تسليم الإخطار بموجب إنذار على يد محضر،


ويجب أن يتضمن الإخطار البيانات والمعلومات الآتية:

1- مكان الاجتماع العام أو مكان وخط سير الموكب أو المظاهرة.

2- ميعاد بدء وانتهاء الاجتماع العام أو الموكب أو المظاهرة.

3- موضوع الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة والغرض منها، والمطالب والشعارات التي يرفعها المشاركون في أي منها.

4- أسماء الأفراد أو الجهة المنظمة للاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة وصفاتهم ومحل إقامتهم ووسائل الاتصال بهم.


ثم قررت المادة (10) من ذات القرار بقانون أنه:

" يجوز لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص في حالة حصول جهات الأمن - وقبل الميعاد المحدد لبدء الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة - على معلومات جدية أو دلائل على وجود ما يهدد الأمن والسلم، أن يصدر قراراً مسبباً بمنع الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة أو إرجائها أو نقلها إلى مكان آخر أو تغيير مسارها، على أن يبلغ مقدمي الإخطار بذلك القرار قبل الميعاد المحدد بأربع وعشرين ساعة على الأقل.

ومع عدم الإخلال باختصاص محكمة القضاء الإداري، يجوز لمقدمي الإخطار التظلم من قرار المنع أو الإرجاء إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة على أن يصدر قراره على وجه السرعة ".


دور المحكمة الدستورية العليا في حماية الحق في الاجتماع والتظاهر السلمي:


وقد عُرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا بمناسبة الطعن على المادة العاشرة سالفة البيان، ورأت المحكمة أن:

" المادة العاشرة من القرار بقانون رقم (107) لسنة 2013 حين منحت وزير الداخلية ومدير الأمن المختص حق إصدار قرار بمنع الاجتماع أو التظاهرة المخطر عنها أو إرجائها أو نقلها، فإنها تكون بذلك قد " مسخت الإخطار إذناً

مما يوقعها في حمأة مخالفة المواد (1/1، 73/1، 92/2، 94) من الدستور، ومن ثم؛ يتعين القضاء بعدم دستوريتها ". وعليه؛ صدر الحكم بعدم دستورية نص المادة العاشرة من القرار بقانون رقم (107) لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية ".


وأعقب ذلك صدور القانون رقم (14) لسنة 2017 بتعديل القرار بقانون رقم (107) لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، مستبدلاً نص المادة العاشرة المقضي بعدم دستوريتها بالنص التالي:

" لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص في حالة حصول جهات الأمن، وقبل الميعاد المحدد لبدء الاجتماع أو الموكب أو التظاهرة، بناء على معلومات جدية أو دلائل، عن وجود ما يهدد الأمن والسلم التقدم بطلب إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة لإلغاء أو إرجاء الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة أو نقلها إلى مكان آخر أو تغيير مسارها،

ويصدر القاضي قراراً مسبباً فور تقديم الطلب إليه، على أن تبلغ به الجهة الإدارية مقدم الإخطار فور صدوره، ولذوي الشأن التظلم من القرار وفقاً للقواعد المقررة بقانون المرافعات المدنية والتجارية ".


ويبز ذلك دور المحكمة الدستورية العليا في الحفاظ على حق الاجتماع والتظاهر السلمي.


المصادر:

حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 160 لسنة 36 قضائية دستورية، جلسة 3/12/2016، الجريدة الرسمية، العدد 50 تابع، الصادر في 15 ديسمبر لعام 2016.

 


تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -