ط
أخر الاخبار

عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون و الغلط في القانون. ما هو القانون؟

 هل يجوز الاعتداد بالجهل بالقانون؟


الإجابة لا كقاعدة عامة؛ حيث تعتبر قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون من أهم المبادئ العامة للقانون في الدولة الحديثة، والتي تعني عدم قبول احتجاج أي شخص بجهله بالقانون لتفادي تطبيق القانون عليه وسريانه في حقه.


هل يجوز الاعتداد بالجهل بالقانون؟ ما المقصود بالجهل بالقانون؟ هل الجهل بالقانون يعفي من العقوبة؟
عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون و الغلط في القانون. ما هو القانون؟


فالجهل بالقانون لا يصلح عذراً أو مبرراً يمنع من انطباق حكم القاعدة القانونية على أي فرد في المجتمع سواء علم به أم لم يعلم، فطالما اتخذت الإجراءات السليمة التي تجعل القانون نافذاً (النشر في الجريدة الرسمية) أصبح سارياً في مواجهة الكافة.


لذلك قيل وبحق أن " العلم بالقانون ليس لازما لتطبيقه " والمقصود بالعلم هنا طبعاً هو علم الأفراد به بشكل عام وليس العلم الذي يفترضه المشرع بعد نشر القانون في الجريدة الرسمية.


نطاق مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون من حيث مصادر القاعدة القانونية:


قاعدة عدم جواز الاعتداد بالجهل بالقانون لا تسري على القواعد التشريعية أو التشريع بمعناه الفني الدقيق فقط (التشريع الدستوري / التشريع العادي / التشريع الفرعي) وإنما تنطبق أيضاً على غيره من مصادر القاعدة القانونية.


ولذلك فإن قاعدة عدم جواز الاعتذار بجهل القانون تسري كذلك على العرف وقواعد الدين فلا يجوز الاعتذار بجهلها من جانب المخاطبين بأحكامها شأنها في ذلك شأن القواعد التشريعية تماماً.


وتسري القاعدة المشار إليها بالنسبة لجميع القواعد القانونية أي سواء كانت من قواعد القانون العام أم من قواعد القانون الخاص، من قواعد القانون المدني أم من قواعد القانون الجنائي، من القواعد الآمرة أم من القواعد المكملة.


استثناء من قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون:


كما أن لكل قاعدة استثناء؛ فقاعدة حظر الاعتداد بالجهل بالقانون لها استثناءين أحدهما تغلب عليه النظرية لندرة حدوثه، والاستثناء الآخر والأهم هو ما يتحقق كثيراً على أرض الواقع يتعلق بحالة الغلط في القانون.


الاستثناء الأول: وهو يتعلق بحالة حدوث ظروف قهرية تمنع من وصول الجريدة الرسمية لمنطقة معينة في البلاد بسبب حدوث زلازل أو براكين أو ما شابه، لأن ذلك يمنع العلم بالقانون على النحو الذي افترضه المشرع.


وبالطبع فإنه إن كان هذا الاستثناء يسري على التشريع فإنه لا يسري على المصادر الأخرى للقاعدة القانونية كالعرف وقواعد الشريعة الإسلامية.


أما الاستثناء الثاني: يتعلق بحدوث حالة الغلط في القانون وهو يتشابه مع حالة الجهل بالقانون ويحتاج إلى إيضاح:


ما الفرق بين مبدأ عدم الاعتذار بجهل القانون والغلط في القانون؟


في مجال العقود، ووفقاً لأحكام القانون المدني فإن العقد يكون باطلاً بسبب وقوع "الغلط في القانون" إذا توافرت فيه شروط الغلط في الواقع. وعلى الرغم من التشابه الكبير إلا أن هناك فارق كبير بينه وبين الجهل بالقانون.


ما هو الغلط في القانون؟ هل الغلط في القانون يعد استثناء أصلاً على مبدأ عدم الاعتداد بالجهل بالقانون؟
ما الفرق بين مبدأ عدم الاعتذار بالجهل بالقانون والغلط في القانون

ما هو الغلط في القانون؟


الغلط في القانون: " هو الحالة الذهنية التي رَّسخت في ذهن الإنسان توهم من نوع ما صوَّر له الأمور على غير حقيقتها، مما دفعه إلى إبرام عقد ما أو إجراء تصرف قانوني بناء على هذا الوهم ".


ما المقصود بالجهل بالقانون؟


المقصود بالجهل بالقانون: هو عدم العلم بالقانون مطلقاً، عدم العلم بما تقضي به أحكام القاعدة القانونية بشأن مسألة أو مشكلة ما.


ومن هنا يبدو الفرق جلياً بين الجهل بالقانون من جهة وحالة الغلط في القانون التي تشتمل على معنى التوهم وفهم الأمور على غير حقيقتها الفعلية.


ومن أبرز أمثلة حالات الغلط في القانون:


الوارث الذي يبيع نصيبه في تركة على اعتقاد منه أن نصيبه ربع التركة فقط في حين أن نصيبه نصف التركة وذلك لجهله بقواعد الميراث. فيحق له طلب إبطال عقد البيع نتيجة لوقوعه في الغلط في القانون.


أن يهب رجلاً لمطلقته مالاً على اعتقاد منه أنه استردها لعصمته جاهلاً أن الطلاق الرجعي ينقلب بائناً بانقضاء المدة فلا ترجع لعصمته إلا بعقد جديد. فيجوز له طلب إبطال عقد الهبة نتيجة لوقوعه في غلط في القانون.


هل الغلط في القانون يعد استثناء أصلاً على مبدأ عدم الاعتداد بالجهل بالقانون؟


نتيجة للفرق بين الجهل بالقانون والغلط في القانون على النحو سالف البيان؛ يرى جانب كبير من فقهاء القانون أن وقوع حالة غلط في القانون لا يجب اعتبارها استثناء من قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون.


وذلك تأسيساً على أن الشخص الذي يتمسك بالجهل بالقانون يريد الإفلات من تطبيق أحكام القانون عليه لجهله به فهو يريد تجنب الخضوع للقانون أساساً، بينما الذي يتمسك بوجود حالة غلط في القانون يريد تطبيق القانون عليه.


ولبيان ذلك: ففي المثال السابق الذي يخص من باع نصيبه في تركة معتقداً أن نصيبه الربع بينما نصيبه النصف نتيجة لجهله بقواعد الميراث، فإن طلبه إبطال عقد البيع مؤسس على رغبته في تطبيق قواعد الميراث بشكل صحيح بأن نصيبه النصف.


وبالتالي فهو لا يريد عدم انطباق قواعد الميراث عليه كلياً وإنما يريد تطبيقها بصورة سليمة. ومن هنا فهو لا يريد التهرب من الخضوع للقاعدة القانونية مثلما يفعل من يدفع بجهله بالقانون. وبالتالي فإن الغلط في القانون ليس استثناء من القاعدة.


هل من العدالة وجود مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون؟


أو بمعنى آخر؛ هل من الملائم محاسبة الأفراد عن قواعد قانونية لا يعرفونها؟ أخذاً في الاعتبار أن الغالبية العظمى من أفراد المجتمع لا تتابع الجريدة الرسمية لتتفحص القوانين والتشريعات وتتمعَّن أحكامها.


بالطبع نعم، فالمبدأ تبرره اعتبارات إقامة العدالة بين الناس حماية نظام المجتمع وسيادة القانون وحماية الحقوق، فلو أتيح إمكانية الاعتذار بالجهل بالقانون للإفلات من أحكامه لما تم تطبيق القانون إلا في القليل النادر من الحالات.


كما تتكامل قاعدة عدم جواز الاعتداد بالجهل بالقانون مع صفة العمومية والتجرد التي تتمتع بها القاعدة القانونية.


هل القاعدة القانونية تسري في حق جميع المخاطبين بدون استثناء؟


نعم، القانون قاعدة عامة مجردة تسري في حق كافة الأفراد في المجتمع دون تمييز بينهم، ودون إباحة التمسك بأي عذر من الأعذار للهروب من أحكام القانون. وبذلك يتحقق النظام العام الذي هو غاية القانون ومبتغاه.


فضلاً عن أن جواز التمسك بالجهل بالقانون سوف يفتح الباب على مصراعيه لكل جانٍ ومخالف للتمسك بجهله بالقانون للإفلات من أحكامه لضاعت الحقوق وعمَّت الفوضى وانهار نظام المجتمع.


المحكمة تعرف القانون وليس على الخصوم إلا التكلم في الوقائع:


غني عن البيان أن قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون تسري أيضاً على القاضي، بل أن القاضي ملزم بتطبيق القانون من تلقاء نفسه، وعليه أن يعرف القانون واجب التطبيق وإنزال أحكامه دون أن يطلب الخصوم ذلك.


هل الجهل بالقانون يعفي من العقوبة؟


بالطبع لا، فالعقوبة أو الجزاء المترتب على المخالفة بشكل عام هو أهم ما تحميه قاعدة عدم جواز الاعتداد بالجهل بالقانون، ولا يمكن بأي حال الإفلات من العقوبة تحت ذريعة الجهل بالقانون.


فهل كان كل قاتل أو سارق أو نصاب أو معتد قد اطلع على نص جريمة القتل أو السرقة أو النصب في قانون العقوبات؟ أو تحقق علمه اليقيني بالجزاء المنتظر؟!


والجدير بالذكر أنه لا يوجد نص صريح سواء في القانون المصري أو القانون الفرنسي يقرر هذه القاعدة إلا أنه هناك إجماع على وجودها وسريانها فقهاً وقضاءً.

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -