ط
أخر الاخبار

الطعن في الحكم : مقدمة في التنظيم التشريعي والتطبيق القضائي

 ما هو الطعن في الحكم؟

الطعن في الحكم هو الرخصة القانونية التي يمنحها القانون لأطراف الدعوى لاستظهار عيوب الحكم الصادر فيها، والمطالبة لدى القضاء المختص بإلغاء هذا الحكم القضائي أو تعديله على الوجه الذي يزيل عنه عيوبه.

الطعن على الأحكام, مفهوم الطعن, الطعن على الحكم الابتدائي, هل يجوز الطعن في الأحكام النهائية؟
الطعن في الحكم : مقدمة في التنظيم التشريعي والتطبيق القضائي


وتستعمل هذه الرخصة القانونية في صورة "طرق" محددة قانوناً لكل منها شروطها وإجراءاتها وهي ما تعرف بـ ( طرق الطعن في الأحكام القضائية ).


وبناء على ذلك؛ فطريق الطعن هو: " مجموعة الإجراءات التي تستهدف إعادة عرض موضوع الدعوى على القضاء أو تستهدف تقدير قيمة الحكم القضائي في ذاته، وذلك بغرض إلغاء هذا الحكم أو تعديله ".


علة تقرير الطعن في الأحكام:


لماذا يمكن الطعن على الأحكام القضائية؟


تحقيق العدالة: العلة من تقرير نظام الطعن في الأحكام هي حرص المشرع ورغبته في أن تصدر الأحكام القضائية التي تنقضي بها الدعاوى في أقرب درجة من الحقيقة الواقعية والقانونية.

تفادي الأخطاء القضائية: القاضي هو بشر أولاً وأخيراً ومن الوارد والمحتمل أن يقع في الخطأ وهذا أمر مقبول ووارد الحدوث، ولذلك؛ فاحتمال الخطأ يرد على العمل القضائي بشكل عام وعلى الأحكام القضائية بصفة خاصة.

وقد يكون مصدر هذا الخطأ هو قصور القاضي عن الإحاطة التامة والشاملة بكافة عناصر ووقائع الدعوى المعروضة عليه، كما قد يكون مصدر هذا الخطأ هو تضليل بعض الأدلة للقاضي أثناء نظر الدعوى.


إذن: لماذا سمح المشرع للأفراد بإمكانية الطعن في الحكم الصادر في الدعوى؟


سمح القانون بإمكانية إعادة طرح الحكم الصادر في الدعوى على القضاء مرة أخرى وفقاً لإجراءات وطرق محددة تفادياً للأخطاء القضائية التي قد تحدث أثناء الفصل في الدعاوى وتفادياً للاعتراف بالقوة لحكم معيب.


القواعد العامة بشأن طرق الطعن في الأحكام القضائية:


هناك مجموعة من القواعد العامة التي تحكم الطعن على الأحكام القضائية، والتي قررها المشرع لضبط هذه الرخصة القانونية ووضعها في إطارها القانوني السليم دون غلو أو تفريط.


التحديد الدقيق: وأول هذه القواعد هي حصر المشرع للرخصة القانونية المتمثلة في إمكانية " الطعن في الحكم " في طرق قانونية محددة على سبيل الحصر بحيث لا يجوز التعرض للأحكام القضائية سوى من خلال هذه الطرق فقط.


ما هي طرق الطعن في الأحكام؟


حصر القانون طرق الطعن في الأحكام القضائية في أربعة طرق رئيسية هي:

  • المعارضة.
  • الاستئناف.
  • النقض.
  • إعادة النظر.

ولكل طريق من الطرق السابقة مجاله وشروطه وأحكامه، وبالتالي: لا يجوز الطعن في الحكم بدعوى بطلان أصلية (أي تلك الدعوى التي ترفع ابتداء كدعوى أصلية دون التقيد بمواعيد الطعن وإجراءاته).

كما لا يجوز أن يتخذ الإشكال في تنفيذ الحكم أو طلب تفسيره أو طلب تصحيح الخطأ المادي في الحكم وسيلة للطعن على الحكم، فسلطة المحكمة في كل هذه الحالات تنحصر فيما يطلب منها فقط


متى يجوز الطعن على الحكم؟


من أهم معالم التنظيم التشريعي بشأن الطعن على الحكم حصر كل طريق للطعن في ميعاد محدد، واشتراط التقرير به عن طريق إجراءات معينة يغلب عليها الطابع الشكلي.


ونتيجة لذلك: إذا كان للخصم حق الطعن في الحكم ولكنه فوت الميعاد أو لم يتبع الإجراءات التي حددها القانون للطعن على الحكم؛ كان طعنه غير مقبول شكلاً ومؤدى ذلك امتناع استعمال الحق في الطعن وامتناع مناقشة عيب الحكم مهما كان واضحاً.


متى يجوز الطعن في الحكم بطريق المعارضة؟

خلال العشرة أيام التالية لإعلان المتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية بالحكم الغيابي، وذلك بخلاف ميعاد المسافة القانونية.

متى يجوز الطعن في الحكم بطريق الاستئناف؟

خلال عشرة أيام من تاريخ النطق بالحكم الحضوري أو إعلان الحكم الغيابي أو من تاريخ صدور حكم المعارضة في الحالات التي يجوز فيها ذلك.

ملحوظة: يحق للنائب العام الاستئناف خلال 30 يوم من صدور الحكم.

متى يجوز الطعن في الحكم بطريق النقض؟

خلال ستين 60 يوم من تاريخ الحكم الحضوري أو من تاريخ انتهاء ميعاد المعارضة أو الحكم فيها.

متى يجوز الطعن في الحكم بطريق إعادة النظر؟

ليس له ميعاد محدد.


حدود حق أطراف الدعوى في الطعن على الحكم:


يعتبر تنظيم المشرع لحق الأفراد في الطعن على الأحكام القضائية مسألة دقيقة وليست بالأمر السهل؛ فتقييد نطاق الحق في الطعن وتحجيمه أكثر مما ينبغي هو اتجاه استبدادي يجور على اعتبارات العدالة، ولا يهتم كثيراً لكفالة صحة الأحكام القضائية.


وفي المقابل؛ فإن التوسع غير المبرر في نطاق حق الخصم في الطعن في الحكم يضحي تماماً بالاستقرار القانوني للأحكام، كما أنه يعطل أجل انقضاء الدعوى بحكم بات لا يقبل الطعن عليه.


ولذلك: فإن السياسة التشريعية في تنظيم الطعن على الأحكام يجب أن تتسم بالتوازن والتوفيق بين الاعتبارات السابقة، بحيث يقرر المشرع كمبدأ عام قابلية كافة الأحكام القضائية للطعن عليها.


ثم يقوم المشرع بعد ذلك بتحديد "طرق محددة" لإمكان الطعن على الأحكام في مواعيد إلزامية معينة، مع تحديد أشخاص معينة تملك الحق في الطعن في الأحكام بعد أن تتوافر فيهم الصفة المطلوبة وشرط المصلحة في الطعن.


هل تملك المحكمة أن تنظر الطعن من تلقاء نفسها؟


القضاء لا ينظر إلا الطعن المقدم من الخصم في الدعوى صاحب الصفة والمصلحة ووفقاً لما يطلبه في طعنه، وتلك هي الوسيلة القانونية الوحيدة التي تتصل بها محكمة الطعن بالدعوى.


ولذلك لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تثير طعناً أو تنظره من تلقاء نفسها دون أن يقدم الطعن كإجراء قانوني سليم على النحو سالف البيان.


هل يجوز لمحكمة الطعن أن تنظر ما لم يطلبه الخصم في الطعن؟


لا يجوز ذلك لمحكمة الطعن، حيث يقتصر عمل المحكمة في هذه الحالة على جزء الحكم المطعون عليه فقط لا غير. ولا يجوز لمحكمة الطعن أن تنظر لغير جزء الحكم المطعون عليه مهما كان معيوباً ومهما كان عيبه واضحاً جلياً.


من له حق الطعن في الحكم؟


بشكل عام: الحق في الطعن على الأحكام القضائية يكون لأطراف الدعوى التي انتهت بالحكم المراد الطعن عليه (الخصوم في الدعوى) فهم من يمتد إليهم أثر الحكم بشكل مباشر، ويتوافر فيهم شرطين:


الشرط الأول: شرط المصلحة: فأطراف الدعوى هم أصحاب المصلحة الحقيقية في الطعن على الحكم الصادر فيها، ولذلك لا يقبل الطعن من وارث المتهم في قضايا جنائية لم يكن طرفاً فيها.


الشرط الثاني: شرط المصلحة: فلابد أن يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الطاعن بضرر، فيسعى هذا الأخير إلى إزالة هذا الضرر من خلال الطعن في الحكم. ويعتبر الحكم كذلك إن كان رفض للطاعن طلباً أو ضيَّع عليه دفاعاً.


المصادر:

  1. د/ محمود نجيب حسني: شرح قانون الإجراءات الجنائية، القاهرة، دار النهضة العربية، 2016، المجلد الثاني.
  2. حكم محكمة النقض المصرية بتاريخ 17 يونية سنة 1946 الوارد في مجموعة القواعد القانونية، الجزء السابع رقم 197 صفحة 181.
  3. حكم محكمة النقض المصرية في 14/11/1960 مجموعة أحكام محكم النقض س11 رقم 151 صفحة 788.
  4.  نقض 11 ديسمبر سنة 1972 مجموعة أحكام محكمة النقض س23 رقم 306 ص 1360.


تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -