أخر الاخبار

الفرق بين الجريمة العادية و الجريمة السياسية

الجريمة السياسية :

عرفت النظم القانونية منذ بداياتها مجموعة ذات طبيعة خاصة من الجرائم يطلق عليها " الجرائم السياسية " وأفردت لها قواعد موضوعية وإجرائية خاصة تختلف عن الجرائم العادية، فما هو الفرق بين الجريمة العادية و الجريمة السياسية ؟

الفرق بين الجريمة العادية والجريمة السياسية, تعريف الجريمة السياسية, أنواع الجرائم السياسية, الجريمة السياسية في القانون المصري, المعيار موضوعي وشخصي.
الجرائم السياسية


وقد اختلفت مواقف النظم القانونية تجاه الجريمة السياسية ما بين التشدد والقسوة تجاه مرتكبي الجرائم السياسية أو التساهل والرأفة مع المجرم السياسي. كما اتخذت بعض التشريعات موقفاً وسطاً بشأن الاجرام السياسي يتساهل في مواضع ويتشدد في أخرى.

 

دور الرأي العام في اختلاف النظر إلى الجريمة السياسية:

 

لا شك أن الرأي العام يفرق دائماً بين الجرائم الجنائية العادية والجرائم السياسية، ويلعب دوراً مهماً في تحديد النظرة المجتمعية للجريمة السياسية ومرتكبها، وتتدرج هذه النظرة ما بين أمرين:


  • إما مشاعر التقدير والاحترام والتعاطف مع المجرم السياسي.
  • وإما مشاعر النبذ والاحتقار أحياناً أخرى وفقاً للاتجاهات السياسية المسيطرة.

 

والواقع أن وضع معيار محدد يعرف الجريمة السياسية على نحو قاطع هو أمر صعب ومعقد للاعتبارات التالية:


  1. يتعذر إيجاد معيار علمي واحد يحظى بتأييد جميع الأفراد داخل الدولة.
  2. كثرة الزوايا التي يمكن النظر لموضوع الجريمة السياسية من خلالها.
  3. اختلاف وجهة النظر القانونية للجرائم السياسية عن وجهة نظر علماء الإجرام بخصوص الاجرام السياسي.
  4. الصلة الوثيقة بين الجرائم السياسية والتوجهات السياسية للنظم الحاكمة والتي لا تتطابق مع التحليل العلمي للموضوع.
  5. تصدر التشريعات المتعلقة بالجرائم السياسية دائماً عاكسة لاعتبارات متعلقة بالملائمة السياسية في المقام الأول.
  6. يزداد الأمر تعقيداً بسبب الصلة الوثيقة بين التجريم السياسي وحرية الرأي والفكر والتعبير التي تكفلها كافة الدساتير تقريباً.

 

معيار التمييز بين الجريمة السياسية والجريمة العادية:

 

هناك معياران في فقه القانون الجنائي لتحديد الجريمة السياسية هما: المعيار الموضوعي والمعيار الشخصي أو (الذاتي).

 

المعيار الموضوعي في تحديد الجريمة السياسية:

 

وفقاً للمعيار الموضوعي في تمييز الجريمة السياسية فإن الجريمة تعتبر سياسية بناء على موضوعها أو الحق المعتدى عليه فيها. أي عندما يتم ارتكاب الجريمة ضد المصالح السياسية التي تحميها الدولة.

 

مثال تلك المصالح السياسية: الحقوق السياسية للمواطنين وحق الدولة في وجودها أو تنظيمها أو أمنها واستقرارها، أو حماية مؤسساتها السياسية أو آدائها لوظائفها باعتبارها سلطة ذات سيادة.

 

أما إذا وقعت نفس الجريمة على أحد الأفراد أو على الدولة باعتبارها فرداً فإن الجريمة تكون جريمة عادية حتى ولو كان الباعث على ارتكابها سياسياً. وذلك وفقاً للمعيار الموضوعي في تحديد الجريمة السياسية.

 

ومن أمثلة الجرائم التي تعتبر جرائم سياسية وفقاً للمعيار الموضوعي:

 

  1. الجرائم التي تقع ضد أمن الدولة من جهة الداخل.
  2. الجرائم التي تقع ضد أمن الدولة من جهة الخارج.
  3. الجرائم التي تقع ضد الحريات العامة للمواطنين.
  4. الجرائم المتعلقة بالانتخابات والتجمهر والمظاهرات السياسية.
  5. جرائم النشر المقصود بها الحكومة.

 

أما ما يقع من جرائم وأفعال محظورة ضد الدولة – ليس بوصفها كياناً سياسياً – كالرشوة والاختلاس وما شابه فهي تعد من الجرائم العادية.

 

تقييم المذهب الموضوعي في تحديد الجرائم السياسية:

 

من الواضح أن المذهب الموضوعي يضيق من نطاق الجرائم السياسية بحيث يقصرها على الجرائم التي تقع ضد المصالح والحقوق التي تكون سياسية بطبيعتها. وهو معيار واضح ومحدد يربط الجريمة السياسية بموضوعها وهو الحق السياسي المعتدى عليه.

 

المعيار الشخصي في تحديد الجريمة السياسية:

 

وفقاً للمعيار الشخصي أو الذاتي في تحديد الجريمة السياسية فإنه لا ينظر إلى طبيعة المصلحة المحمية جنائياً وكونها سياسية بطبيعتها أم لا، وإنما ينظر إلى باعث مرتكب الجريمة وغايته، فإن كان الباعث من ارتكاب الجريمة سياسياً كانت الجريمة سياسية.

 

ومن أمثلة الجرائم التي تعتبر جرائم سياسية وفقاً للمعيار الشخصي:

 

  • قتل أحد المسئولين المهمين بالدولة لغرض سياسي.
  • احتجاز أحد المسئولين السياسيين أو الدبلوماسيين المعتمدين لدى الدولة.
  • اختلاس مال لتمويل الانتخابات لصالح حزب سياسي معين.

 

تقييم المذهب الشخصي في تحديد الجرائم السياسية:

 

من الواضح أن المذهب الشخصي في تحديد الجريمة السياسية يوسع من نطاقها ليشمل كافة الجرائم العادية إذا تم ارتكابها الباعث سياسي وكانت غاية مرتكب الجريمة سياسية، وهو ما يصعب إثباته لقيامه على عناصر نفسية صعبة الإثبات.

 

الجريمة السياسية PDF, أنواع الجرائم السياسية, الجريمة السياسية في القانون العراقي
 الفرق بين الجريمة العادية والجريمة السياسية

تعريف الجريمة السياسية:

 

من أبرز ما قيل في مفهوم الجريمة السياسية؛ ما أورده السيد الأستاذ الدكتور/ محمود نجيب حسني حينما عرف الجريمة السياسية بأنها:

 

" كل عمل سياسي يجرمه القانون، فهي صورة للنشاط السياسي الذي تنَكَّب صاحبه طريق القانون فحملته العجلة في تحقيق أهدافه أو الميل إلى العنف في مواجهة الخصوم على أن يستبدل بالأسلوب الذي يرخص به القانون أسلوباً يحظره ".

 

الجرائم السياسية النسبية أو المختلطة:

 

يثير تحديد ضابط الجريمة السياسية صعوبات بالنسبة لأنواع من الجرائم تبدو صبغتها السياسية غير واضحة، ويطلق عليها في العادة تعبير " الجرائم السياسية النسبية "، وهذه الجرائم نوعان: مختلطة ومرتبطة.

 

فالجرائم السياسية المختلطة تمس حقين أحدهما سياسي والآخر غير سياسي، كنهب متجر أسلحة لاستعمالها في إحداث شغب واضطرابات أو الثورة على السلطات العامة.

 

أما الجرائم السياسية المرتبطة تنال بالاعتداء حق غير سياسي ولكنها تتصل على نحو وثيق باضطراب سياسي. كتخريب مبان أو إتلاف منقولات أثناء تمرد ضد السلطات الحاكمة.

 

ويحيط الشك بالتكييف الصحيح لهذه الجرائم وما إذا كانت الصفة السياسية تغلب عليها أم أن صفتها العادية هي الغالبة.

 

الجريمة السياسية في القانون المصري:

 

لم ينص القانون المصري على نظام خاص للجريمة السياسية، ولم يفرد لها عقوبة خاصة ولم يشر إلى نتائج التمييز بين الجريمة السياسية والجريمة العادية إلا فيما يتعلق بحظر تسليم اللاجئين السياسيين وتطبيق بعض قوانين العفو الشامل.

 

ومن تطبيقات محكمة النقض المصرية بشأن الجريمة السياسية:

 

اعتبار جرائم القذف في حق موظف عام بإسناد واقعة إعطائه إعانات من المصاريف الإدارية لبعض الصحف من قبيل الجرائم السياسية.

(حكم محكمة النقض المصرية بتاريخ 3/3/1953)

 

اعتبار جريمة إتلاف مخزن للخمور للتعبير عن السخط على اعتداءات جنود الاحتلال على قوات الأمن المصرية في مدينة الإسماعيلية يوم 25 يناير سنة 1952 من قبيل الجرائم السياسية.

(حكم محكمة النقض المصرية بتاريخ 7/7/1953)

 

اعتبار جريمة تجمهر وقعت مناصرة لأحد المرشحين في الانتخابات لعضوية البرلمان ضد منافسه.

(حكم محكمة النقض المصرية بتاريخ 1/12/1953)

 

كما استبعدت محكمة النقض من عداد الجرائم السياسية تلك الجرائم التي ترتكب لغرض ديني بحت كتحطيم حانة لمكافحة تعاطي الخمور.

(حكم محكمة النقض المصرية بتاريخ 21/4/1953)

 

الاثم الجنائي "الإذناب" في الجريمة السياسية:

 

يقول الدكتور/ عبد الرؤوف مهدي أستاذ القانون الجنائي أن:

" الجريمة السياسية غالباً ما تكون مدفوعة ببواعث غير إجرامية الأمر الذي يجعل لها صدى اجتماعي أخف استهجاناً من الجريمة العادية، ولذلك ذهبت تشريعات عديدة إلى وضع نظام خاص بالجرائم السياسية أخف من غيره.

 

كما أن معطيات العلوم الجنائية تفيد غياب فكرة الشر الإجرامي عن المجرم السياسي.

 

على أن التشريعات لا تعطي تعريفاً محدداً للجريمة السياسية ولكن درجت بعض الدول والاتفاقات الدولية على تحديد الجرائم السياسية بطريقة سلبية بمعنى أنها تستبعد بعض الجرائم من عداد الجرائم السياسية أي أنها تعرفها بمفهوم المخالفة.

 

الجريمة العسكرية, جرائم اجتماعية, الجريمة في القانون, مفهوم الجريمة العادية
الجريمة السياسية

المصادر:

 

  1. د/ أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري القسم العام.
  2. د/ محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات المصري القسم العام.
  3. د/ عبد الرؤوف مهدي، شرح القواعد العامة لقانون العقوبات.

 

 

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -