Header Ads

مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي و قاعدة رجعية القانون الأصلح للمتهم

سريان قانون العقوبات من حيث الزمان:


يعتبر مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي من أهم نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بل وأهمها على الإطلاق، والذي يقضي بحظر الأثر الرجعي لنصوص التجريم والعقاب. أي عدم سريان القوانين الجنائية على الماضي كأصل عام وسريانها على الوقائع اللاحقة على صدورها.


سريان قانون العقوبات من حيث الزمان, عدم رجعية النصوص الجنائية, عدم رجعية نصوص التجريم والعقاب, الأثر الفوري المباشر لنصوص القانون الجنائي, حظر الأثر الرجعي للقوانين الجنائية
مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي و قاعدة رجعية القانون الأصلح للمتهم


ويعبر عن مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي بصيغ متعددة تعبر في ظاهرها عن مضمون المبدأ وتعبر في أحيان أخرى عن النتائج المترتبة عليه، ومن أبرز هذه الصيغ:


  • مبدأ حظر الأثر الرجعي لنصوص التجريم والعقاب.
  • قاعدة عدم رجعية القوانين الجنائية.
  • مبدأ الأثر الفوري أو المباشر لنصوص القانون الجنائي.
  • نطاق سريان قانون العقوبات من حيث الزمان.
  • قاعدة عدم رجعية القاعدة الجنائية الأشد.
  • قاعدة رجعية النص الجنائي الأخف (الأصلح للمتهم).


وتتناول السطور التالية التعريف بماهية المبدأ وحدود قواعده والاستثناء الرئيسي الذي يرد عليه، وذلك على النحو التالي:


تعريف مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي:


يعني مبدأ عدم رجعية النصوص الجنائية أن الأصل العام في سريان نصوص قانون العقوبات (نصوص التجريم والعقاب) هو سريانها بأثر فوري مباشر أي سريانها على الوقائع اللاحقة على صدورها وانصراف تطبيقها وأثرها القانوني دائماً إلى المستقبل.

فالنصوص الجنائية لا ترتد في تطبيقها إلى الماضي إنما يبدأ تطبيق أحكامها على ما يستجد من وقائع في المستقبل.


وبالتالي؛ لا يمكن أن تصدر نصوصاً جنائية لتقرر التجريم والعقاب على وقائع سابقة على صدورها وعن وقائع وأفعال لم تكن مجرَّمة في وقت ارتكابها بالمخالفة للتوقعات المشروعة للأفراد. حيث يعتبر مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي هو الامتداد الطبيعي لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.


والواقع ان المبدأ لا يحتاج إلى تبرير فهو ضمانة أساسية لحقوق وحريات الأفراد داخل الدولة، وبدونه تتعرض حريات الأفراد لخطر جسيم يتمثل في إمكانية معاقبتهم جنائياً عن أفعال كانت مشروعة وقت إتيانها في الماضي.

كما أن عدم وجود مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي يهدم مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات كلياً.


القيمة الدستورية لـمبدأ عدم رجعية القانون الجنائي:


نظراً للأهمية البالغة التي يحظى بها مبدأ حظر الأثر الرجعي لنصوص التجريم والعقاب داخل دولة القانون فهو يعد أحد أهم مبادئ الشرعية الدستورية لقانون العقوبات.


وقد حرصت دساتير كافة الدول على تضمين المبدأ ضمن نصوصها بشكل صريح ومباشر كقيمة دستورية كبرى يتعين على المشرع الجنائي التزامها بشكل كامل أثناء وضع نصوص التجريم والعقاب.


موقف النصوص التفسيرية من مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي:


القوانين التفسيرية هي تلك النصوص القانونية التفسيرية التي يصدرها المشرع بغرض تفسير وتوضيح نصوص قانونية سابقة وبيان ما قد يكون بها من غموض أو إبهام، فتصدر إلحاقاً بها واندماجاً معها.


وبما أن القوانين التفسيرية لم تأت بأحكام جديدة بخصوص القانون القديم ولم تتضمن تعديلاً على أحكامه، فإنه لا علاقة لها بمبدأ عدم رجعية القانون الجنائي. فتسري النصوص التفسيرية الجديدة على كل ما تسري عليه النصوص القديمة باعتبارها جزءاً منها.


موقف القوانين محددة المدة من مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي:


يثور التساؤل حول حكم القوانين محددة الفترة والتي تصدر لمواجهة ظروف خاصة يمر بها المجتمع كفترات الاضطراب أو الثورات ومدى خضوعها لقاعدة حظر الأثر الرجعي للنصوص الجنائية.


ما هي القوانين محددة الفترة؟

والقوانين محددة المدة: هي تلك القوانين التي يصدرها المشرع ويحدد نطاق سريانها بمدة محددة استثناء من القوانين العادية السارية في الأوقات المعتادة وذلك لمواجهة ظروف طارئة غير اعتيادية.


وغالباً ما تتضمن القوانين محددة الفترة أحكاماً أشد من التي تتضمنها القوانين الجنائية العادية لأن المشرع يواجه فيها ظروفاً استثنائية تتطلب سياسة جنائية أشد ردعاً.

فحينما يرتكب الشخص جريمة في ظل العمل بهذه القوانين الاستثنائية فإنه تسري عليه أحكام هذه القوانين حتى لو تمت إجراءات محاكمته بعد انتهاء فترة سريان القوانين الاستثنائية.


ولا يجوز للمتهم التذرع بمبدأ عدم رجعية القانون الجنائي للإفلات من العقوبات المقررة خلال الفترة الاستثنائية. والقول بغير ذلك يفوت الحكمة التشريعية من إصدار هذه القوانين الاستثنائية ويفسد السياسة الجنائية للمشرع ويمنح ضمانات الحقوق والحريات لمن لا يستحق.

هل يجوز تطبيق القانون بأثر رجعي؟ مبدأ عدم رجعية القوانين في القانون المصري, عدم رجعية القوانين
سريان القانون الجنائي من حيث الزمان


الخلاصة في مبدأ حظر الأثر الرجعي للقوانين الجنائية:


يمكن التعبير عن ما سبق إيضاحه في صورة قواعد محددة توضح مضمون وطبيعة وأهمية المبدأ الذي يحكم سريان قواعد قانون العقوبات من حيث الزمان ( مبدأ عدم رجعية النصوص الجنائية ) من خلال العناصر التالية:


  1. مبدأ حظر الأثر الرجعي لنصوص قانون العقوبات يعني عدم جواز ارتداد نصوص التجريم والعقاب إلى الماضي لتحاسب الأفراد عن أفعال سابقة على صدورها.
  2. مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي يعتبر ضمانة دستورية كبرى لحماية الحقوق والحريات.
  3. مبدأ حظر الأثر الرجعي لنصوص التجريم والعقاب يعد من أهم مبادئ الشرعية الدستورية للقانون الجنائي.
  4. مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي هو الوجه الآخر لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.
  5. مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي يعني حصر النطاق الزمني لسريان نصوص قانون العقوبات على المستقبل بشأن الوقائع اللاحقة على تاريخ نفاذها.
  6. مبدأ عدم سريان النصوص الجنائية على الماضي لا يسري على نصوص القوانين التفسيرية لأنها لم تضف أحكاماً جديدة للنصوص الأصلية التي صدرت تفسيراً لها.
  7. مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي لا يسري على الأفعال التي ترتكب خلال فترة سريان القوانين محددة المدة لئلا تضيع الحكمة التشريعية من هذه القوانين.


ولذلك؛ لم يعد هناك مجال لإنكار المبدأ أو تجاهله أو حنى محاولة التقليل من قيمته في الدولة القانونية الحديثة.


مبدأ رجعية القانون الأصلح للمتهم في القانون الجنائي:


إذا كان الأصل العام بشأن قواعد التجريم والعقاب أنه محكوم بمبدأ عدم رجعية القانون الجنائي؛ فإن هذا الأصل ليس مطلقاً ولكل قاعدة استثناء.

ولذلك فإن هناك مبدأ آخر يرتبط بمبدأ عدم الرجعية ويتكامل معه وصولاً إلى تطبيق أكثر فاعلية لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وهو مبدأ رجعية القانون الأصلح للمتهم.

منى يكون القانون الجديد أصلح للمتهم؟ تعريف القانون الأصلح للمتهم, متى يطبق القانون بأثر رجعي؟
رجعية القانون الأصلح للمتهم

ما معنى رجعية النص الجنائي الأصلح للمتهم؟

يعني مبدأ رجعية القانون الأصلح للمتهم أنه:

" إذا صدر بعد ارتكاب المتهم للواقعة أو الجريمة التي يحاكم من أجلها وقبل صدور حكم نهائي بات فيها؛ قانون جديد يجعل المتهم في وضع أفضل قانوناً بشأن الجريمة التي يحاكم من أجلها، فإن هذا القانون الجديد هو الذي يطبق على المتهم وليس القانون الذي ارتكبت الجريمة خلال فترة سريانه ".

وذلك استثناء من الأصل العام الذي يقرر الأثر الفوري المباشر لنصوص التجريم والعقاب، ويحظر الأثر الرجعي لنصوص قانون العقوبات كقاعدة عامة نتيجة لتطبيق مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.

 

متى يتم تطبيق القانون الأصلح للمتهم؟ أو بصيغة أكثر وضوحاً: متى يجوز تطبيق النص الجنائي الجديد بأثر رجعي؟


يتم تطبيق القانون الأصلح للمتهم إذا صدر النص الجديد قبل الحكم نهائياً على المتهم، ويشترط لذلك أن يكون القانون الجديد قد صدر بالفعل وفقاً للقواعد العامة في إصدار التشريعات، وأن يتم ذلك قبل صيرورة الحكم على المتهم "باتاً" وليس نهائياً فقط.


والفرق بين الحكم النهائي والحكم البات أن الحكم النهائي هو الحكم الذي استنفذ كافة طرق الطعن فيه بالطرق العادية (المعارضة والاستئناف) ويظل قابلاً للحكم عليه بالطرق الغير عادية (الطعن بالنقض).

 أما الحكم البات هو الحكم الذي استنفذ كافة سبل الطعن عليه العادية وغير العادية (المعارضة والاستئناف والنقض).


وتحقيقاً لصالح المتهم؛ فيمكن تطبيق قاعدة رجعية القانون الأصلح للمتهم ما لم يصبح الحكم باتاً وليس نهائياً، أي حتى يتم الطعن عليه بطريق النقض وتقول محكمة النقض كلمتها في الحكم.


ملحوظة هامة: على الرغم من ذلك: هناك حالة وحيدة يستفيد فيها المتهم من مبدأ رجعية القانون الأصلح للمتهم حتى بعد صدور حكم بات في الدعوى التي يحاكم من أجلها

وهي حالة صدور نص قانوني بعد الحكم البات يجعل من الفعل الذي يعاقب من أجله المتهم غير معاقب عليه أصلاً أي ينقل الفعل من دائرة التجريم إلى دائرة الإباحة.


متى يكون القانون الجديد أصلح للمتهم؟


قد يكون النص الجديد أصلح للمتهم سواء من حيث الجريمة التي يعاقب من أجلها أو من حيث العقوبة التي يجب توقيعها عليه:

فمن حيث التجريم:

يكون النص القانوني الجديد أصلح للمتهم إذا كان قد ألغى النص القديم أو أبقى عليه وقرر سبب للإباحة يحول دون تطبيق النص على المتهم أو استحدث سبباً جديداً يفلت بموجبه المتهم من العقاب،

كتقرير مانع مسئولية (كصغر السن أو إكراه أو عاهة عقلية) أو مانع للعقاب (كالنص على الإعفاء من العقاب لعضو تنظيم اجرامي وانفك عنه أو أرشد عنه).


كما يعد النص الجديد أصلح للمتهم إذا ضيق من دائرة التجريم كما لو أضاف شرطاً جديداً لتطبيق قانون العقوبات على جريمة وقعت في الخارج أو عنصراً إضافياً أو شرطاً أولياً لقيام الجريمة.


كأن يشترط لذلك ارتكاب عدة أفعال بدلاً من فعل واحد، أو يتطلب صفة خاصة في الجاني لم يكن يتطلبها النص القديم، أو وقوع الجريمة في مكان معين أو في زمان معين خلافاً للمعمول به في ظل النص القديم.

وفي مجال العقوبة الجنائية:

يعد النص الجديد بوجه عام أصلح للمتهم إذا كان يتضمن قدراً من الإيلام العقابي أقل مما كان يشتمل عليه النص القديم، فالموازنة هنا تجري بين العقوبة المقررة في النصين لمعرفة ما إذا كانت العقوبة الواردة في النص الجديد أخف أم أشد ويلجأ في هذا الصدد إلى المعايير القانونية في تدرج العقوبات.


فالجنايات أشد من الجنح والجنح أشد من المخالفات، وداخل الطائفة العقابية الواحدة تختلف المدد وقدر الإيلام العقابي الذي يمكن من خلاله تحديد العقوبة الأشد والأخف.


رجعية القانون الأصلح للمتهم في القانون الجنائي الدستوري:


وبشأن قاعدة رجعية القانون الأصلح للمتهم: تقول المحكمة الدستورية العليا أنه:


" غدا لازماً - في مجال إعمال القوانين الجنائية الموضوعية الأكثر رفقاً بالمتهم - توكيد أن صون الحرية الشخصية من جهة، وضرورة الدفاع عن مصالح الجماعة والتحوط لنظامها العام من جهة أخرى، مصلحتان متوازيتان، فلا تتهادمان.


وصار أمراً مقضياً - وكـلما صدر قـانون جـديد يعـيد الأوضاع إلى حالها قبل التجريم - أن ترد لأصحابها تلك الحرية التي كان القانون القديم ينال منها، وأن يرتد هذا القانون على عقبيه، إعلاء للقيم التي انحاز إليها القانون الجديد،

 

وعلى تقدير أن صونها لا يخل بالنظام العام باعتباره مفهوماً مرناً متطوراً على ضوء مقاييس العقل الجمعي التي لا ينفصل القانون الأصلح عنها،

 

بل يوافقها ويعمل على ضوئها، فلا يكون إنفاذه منذ صدوره إلا تثبيتاً للنظام العام بما يحول دون انفراط عقده، بعد أن صار هذا القانون أكفل لحقوق المخاطبين بالقانون القديم وأصون لحرياتهم ".

 

شاهد أيضاً:


 

يتم التشغيل بواسطة Blogger.