أخر الاخبار

نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في القانون الجنائي

نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات:


لا شك أن مبدأ الشرعية في قانون العقوبات والذي يعني باختصار " حصر مصادر التجريم والعقاب في نصوص القانون المكتوبة " كقاعدة عامة أو ما يعبر عنه بعض الفقه الجنائي بـ (مبدأ انفراد التشريع بمسائل التجريم والعقاب) يرتب العديد من النتائج التي ينفرد بها القانون الجنائي دون غيره.


بل أن نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات متعددة الأبعاد في مجال القانون الجنائي سواء بالنسبة للسلطة المختصة بوضع نصوص التجريم والعقاب أو السلطة المختصة بتطبيق النصوص الجنائية أو بالنسبة لسلطة تنفيذها.

 

نتائج مبدأ الشرعية الجنائية, نتائج قاعدة الشرعية في قانون العقوبات
 نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في القانون الجنائي

وتتعدد نتائج مبدأ الشرعية الجنائية على النحو التالي:

  • نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بالنسبة للمشرع الجنائي.
  • نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بالنسبة للقاضي الجنائي.
  • نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بالنسبة لجهات تنفيذ العقوبات.

 وذلك على التفصيل التالي:


أولاً: نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بالنسبة للمشرع الجنائي:

 

مبدأ انفراد التشريع بالتجريم والعقاب:


يفرض مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات على المشرع الجنائي أن يتولى بنفسه مهمة وضع نصوص القوانين الجنائية وتحديد الجرائم والعقوبات المقررة من أجلها،

وهو اختصاص موكل إلى المشرع بمقتضى نصوص الدستور الذي خص السلطة التشريعية بهذه الوظيفة وحظرها – كقاعدة عامة – على السلطتين القضائية والتنفيذية.


واختصاص المشرع الجنائي المنفرد بوضع نصوص التجريم والعقاب هو اختصاص مقيد لا تملك السلطة التشريعية التخلي عنه أو إحالته إلى إحدى السلطتين (القضائية أو التنفيذية) بهذه المهمة،

فلا يجوز للقانون أن يعهد بمهمة التشريع الجنائي للائحة إلا على سبيل الاستثناء وفي أضيق الحدود وبناء على ترخيص دستوري بذلك.


وبالتالي؛ فإنه من المسموح أن يكون للائحة دور استثنائي في مجال التجريم والعقاب يقتضيه حسن تطبيق النصوص الجنائية بشأن مسائل محددة تتطلب قدر من التخصص الفني والخبرة لضبط تفاصيلها. واللائحة في هذا المقام تكمل القانون وتكفل حسن تطبيق أحكامه.


مثال ذلك: اختصاص وزير الصحة بتحديد الأدوية التي تدخل ضمن جدول الأدوية المخدرة التي يحظر التعامل بها خارج الإطار العلاجي الرسمي، واختصاص وزير الداخلية بوضع لائحة الجرائم المرورية التي يشكل ارتكابها اعتداء على حسن سير العملية المرورية.


مبدأ وضوح وتحديد نصوص التجريم والعقاب:


يترتب على هيمنة مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات على نصوص القوانين الجنائية وجود مجموعة من الصفات الخاصة لنصوص التجريم والعقاب يجب أن تتوافر فيها، ويأتي في مقدمة هذه الصفات الخاصة وجوب توافر صفتي الوضوح والتحديد بشأن النصوص الجنائية.


أي أن تكون النصوص الجنائية واضحة في إرسال التكليف الجنائي إلى الأفراد المخاطبين بأحكامها وواضحة في معانيها ومضمونها والتعبير عن إرادة المشرع من تلك النصوص.


كما يجب أن تكون نصوص قانون العقوبات محددة في أحكامها. محددة في بيان أركان الجريمة التي تقررها ومحددة في بيان العقوبة الجنائية المقررة نتيجة لارتكاب الجريمة المذكورة.


مبدأ حظر الأثر الرجعي لنصوص التجريم والعقاب:


من أهم النتائج التي يرتبها مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات هي التزام المشرع الجنائي بقاعدة عدم رجعية نصوص قانون العقوبات. أي عدم جواز سريان نصوص التجريم والعقاب على الأفراد عن وقائع سابقة على صدور هذه النصوص بأثر يرتد إلى الماضي.

فالقوانين الجنائية ليس لها – كقاعدة عامة – سوى أثر فوري مباشر على الوقائع اللاحقة على صدورها.


ولا يستثنى من هذه القاعدة سوى فرض وحيد ينتصر لصالح حقوق وحريات الأفراد وهو تطبيق القانون الجنائي بأثر رجعي حال كونه في صالح المتهم ويجعله في مركز قانوني أفضل أثناء المحاكمة وقبل صدور حكم نهائي بات في الدعوى الجنائية. فيما يعرف بقاعدة رجعية القوانين الأصلح للمتهم.


ثانياً: نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بالنسبة للقاضي الجنائي:


سلطة القاضي الجنائي في مجال التجريم:


يفرض مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات على المشرع الجنائي في مجال التجريم ألا يعتد بأي جريمة لم يرد نص قانوني مكتوب وصريح بتجريمها مهما بلغت دناءة الفعل المرتكب ودرجة إذناب مرتكبه.

فإذا تبين للقاضي الجنائي أن الفعل أو الامتناع المعروض في القضية أمامه لا ينطبق عليه أي نص من نصوص التجريم فما عليه إلا أن يحكم بالبراءة.


فالتجريم والعقاب هو اختصاص أصيل للمشرع الجنائي لا يتدخل فيه القاضي، فهذا الأخير لا يمكنه خلق جرائم جنائية جديدة لم يعتبرها المشرع كذلك. فلا يجوز للقاضي الجنائي أن يلجأ للعرف أو عادة اجتماعية سائدة لإنشاء تجريم جديد أو انهاء تجريم قائم بحجة عدم ملائمته لواقع المجتمع.


ووفقاً لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات؛ لا يجوز للقاضي الجنائي استخدام وسيلة القياس في تفسير النصوص الجنائية ليمد نطاق التجريم إلى أفعال أو وقائع لم تمتد إليها إرادة المشرع بالتجريم.


كما أنه يمتنع على القاضي الجنائي تطبيق أي قانون للتجريم والعقاب على وقائع سابقة على صدوره بالمخالفة لقاعدة حظر الأثر الرجعي لنصوص التجريم والعقاب وامتداد أثرها إلى الماضي إلا إذا كانت في صالح المتهم.

 

سلطة القاضي الجنائي في مجال العقاب:


بشأن الجزاءات الجنائية؛ يفرض مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات على القاضي الجنائي عدم جواز الحكم بعقوبة لم ينص عليها القانون، أو خلافاً للحدود التي يرسمها القانون لتلك العقوبة.


وإذا فرض وجاء نص للتجريم بدون عقوبة مقررة للجريمة الواردة به على إثر سهو تشريعي مثلاً، فلا يجوز للقاضي أن يحاول تدارك ذلك السهو التشريعي وتطبيق عقوبة من عنده لم يرد النص عليها ولا أن يطبق العقوبة المقررة لفعل آخر على سبيل القياس.


وكذلك لا يجوز للقاضي الجنائي أن يحكم بعقوبة إضافية لم يقرها المشرع إلى جانب العقوبة الأصلية، أو أن يحكم بعقوبة أشد من الحد الأقصى أو أقل من الحد الأدنى المقررين قانوناً.

مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات - تعريفه ونتائجه وتطوره,  نتائج مبدأ الشرعية الجنائية ودورها في تحديد ذاتية القواعد الجنائية الموضوعية, مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات - حُماة الحق- محامي الأردن, مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات - ويكيبيديا, مبدأ انفراد التشرع في التجريم والعقاب, مبدأ حظر القياس في مواد التجريم والعقاب, مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي وحظر الأثر الرجعي لنصوص التجريم والعقاب, مبدأ وضوح وتحديد نصوص التجريم والعقاب
 نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات


ثالثاً: نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بالنسبة لسلطة التنفيذ العقابي:


تخضع السلطة القائمة على تنفيذ الجزاءات الجنائية بدورها لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات إذ يجب أن تلتزم الإدارة العقابية بتنفيذ العقوبات الجنائية وفقاً للقواعد والحدود التي يحددها لها القانون وبالكيفية التي يرسمها لها.


ويعتبر ذلك ضمانة هامة وأساسية للمحكوم عليهم أثناء تنفيذ العقوبات الجنائية.

يكفل – حال تنفيذها والالتزام بها – حماية حقوق وحريات الأفراد ضد استبداد وظلم إدارة التنفيذ العقابي أو إساءة استخدام سلطتها في هذا المجال أو التمييز والانتقائية بين المحكوم عليهم أو ابتداع وسائل للتنفيذ العقابي لم ينص عليها القانون بالمخالفة لما وضعه المشرع من ضوابط للتنفيذ.


وبناء على ذلك: إذا نص القانون على وسيلة معينة لتنفيذ عقوبة الإعدام ( كالشنق أو الإعدام باستخدام الكرسي الكهربائي أو الحقنة المميتة ...) وجب التقيد بهذه الوسيلة بحسب ما جاء بالتشريع العقابي بهذه الدولة.


كذلك إذا نص القانون على وسائل تنفيذ معينة للعقوبات السالبة للحرية أو المعاملة داخل المؤسسات العقابية أو الإفراج قبل انقضاء مدة العقوبة وفقاً لضوابط معينة وجب التقيد بكل ذلك.


هل يتعارض الالتزام بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات مع مبدأ تفريد العقاب؟


كثيراً ما يمنح المشرع للإدارة العقابية سلطة تفريد العقاب أي سلطة الاختيار بين وسائل متعددة لتنفيذ العقوبة وفقاً لشخصية كل محكوم عليه وما تتطلبه مقتضيات إعادة تأهيله.


والواقع أن ممارسة الإدارة العقابية لسلطة تفريد العقاب تتم بناء على قانون وضعه المشرع أي بتصريح من المشرع ولذلك فهي لا تخالف ولا تعارض مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.


شاهد أيضاً:



واحة القانون

law oasis


تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -