أخر الاخبار

أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في القانون الجنائي

لا شك أن مبدأ الشرعية الجنائية " لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون " يعتبر من الدعائم الكبرى - إن لم يكن الدعاة الأساسية - التي تنهض عليها منظومة العدالة الجنائية في الدولة القانونية في العصر الحديث.

وبالتالي يمكن القول أن أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات قد بلغت ذروتها في القانون الجنائي وفقه التجريم والعقاب في دولة القانون.


أهمية مبدأ الشرعية الجنائية, مبدأ الشرعية في القانون الجنائي, شرعية التجريم و العقاب
أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في قانون العقوبات


وحقيقة؛ فإن أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات متعددة الخلفيات ويمكن رؤيتها من زوايا منطقية وفلسفية وأخلاقية واجتماعية وعملية، إلى الحد الذي وصل بالمبدأ إلى عدم الحاجة إلى تبريره.

رغم وجود بعض الأصوات في فقه القانون الجنائي التي هاجمت المبدأ وحاولت الإشارة إلى ما تراه (عيوباً) تصاحب تطبيق المبدأ.


ويمكن تناول الموضوع من خلال النقاط التالية:


  1. أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في حماية الحقوق والحريات.
  2. أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات من الناحية الاجتماعية والتربوية.
  3. أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات من الناحية الفلسفية والمنطقية.
  4. أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات من الناحية السياسية ومبدأ الفصل بين السلطات.


وذلك على التفصيل التالي:


أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في حماية الحقوق والحريات:


لا شك أن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بما يفرضه في مجال القانون الجنائي من حصر مصادر التجريم والعقاب في النص المكتوب وحظر تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعي ينصرف إلى الماضي يكفل حماية حقوق وحريات الأفراد داخل الدولة.


بحيث لا يمكن أن تقوم الدولة بمباغتة الأفراد بالتجريم والعقاب عن فعل لم يكن مجرَّماً وقت ارتكابه.


وبالتالي:

فإن مبدأ الشرعية الجنائية يوفر قدر أساسي من الحماية والطمأنينة للأفراد داخل المجتمع في مواجهة السلطات العامة.

فبدون مبدأ شرعية التجريم والعقاب يسهل العصف بحقوق وحريات الأفراد وعقابهم جنائياً - بما تحمله العقوبة الجنائية من وطأة ثقيلة وإيلام قاس - على خلاف ما تقتضيه العدالة ومصلحة المجتمع.


أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات من الناحية الاجتماعية والتربوية:


إن مبدأ وضوح وتحديد نصوص التجريم والعقاب الذي ينبثق عن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وتبصير الأفراد على نحو يقيني بالأفعال التي عليهم تجنبها والعقاب المقرر على ارتكابها يجعل لقانون العقوبات دوراً أخلاقياً وتربوياً.

مما يزكي أهمية القيم الاجتماعية وروح الانتماء الجماعي والتزام السلوك القويم. كما يدعم غرض قانون العقوبات في تحقيق الردع العام.

 

فمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات له وظيفة تثقيفية أو توجيهية: ذلك أن قانون العقوبات يضع قائمة بالأعمال المحظورة ويقدر لكل منها نصيبها من الجسامة عن طريق تقديره للعقوبة التي يضعها لها، فهو إذن مدونة حماية للقيم الاجتماعية.

 

ويأتي دوره التوجيهي من أنه بهذا الوضع يذكر المواطنين بضرورة استمرار بعض المبادئ الأخلاقية الهامة مثل: احترام الحياة وسلامة أجسام الغير وحقوقهم وشرفهم واعتبارهم .... ومن هنا تأتي وظيفته في المنع العام للجريمة.


أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات من الناحية الفلسفية والمنطقية:


يقتضي المنطق العقلي السليم وقواعد العدالة ضرورة أن ينذر المشرع قبل أن يعاقب وأن " يحذر قبل أن يضرب " وهو ما يتكفل مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بتحقيقه، فضبط سلوك الأفراد من خلال قواعد قانونية معلنة ومحددة سلفاً لبيان الجرائم والعقوبات يجعل العقاب مبرراً ومقبولاً.


ويساهم ذلك أيضاً في توفير القبول الاجتماعي اللازم لقواعد التجريم والعقاب في المجتمع، ويزيد من القيمة الإقناعية للقاعدة الجنائية لدى المخاطبين بأحكامها، مما ينعكس إيجابياً على التزام الأفراد بقواعد القانون الجنائي.


أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات, دعائم ومبررات مبدأ الشرعية الجنائية, الاعتبارات النفسية والفلسفية والسياسية والاجتماعية والمنطقية وحماية حقوق وحريات الأفراد
أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات

 

أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات من الناحية السياسية ومبدأ الفصل بين السلطات:


تتبدى أهمية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات أيضاً من خلال تدعيم مبدأ الفصل بين السلطات.

وقد نادى بذلك " مونتسكيو " فباعتبار المشرع هو صاحب السلطة الوحيد الذي يمكنه الحد من الحرية الفردية فإنه هو الذي يختص بتحديد الجرائم والعقوبات، ويحظر ذلك على القاضي الجنائي الذي لا يملك سلطة تحديد الجرائم والعقوبات.


وإن تدخل القاضي في اختصاص المشرع بإنشاء الجرائم والعقوبات عد ذلك اعتداء من القاضي على اختصاص السلطة التشريعية لا يمكن السماح به.


وفيما يتعلق بتبرير الشرعية الجنائية بمبدأ الفصل بين السلطات؛ فإن في هذا تأكيد بأن الشرعية الجنائية ليست إلا مظهراً خاصاً للشرعية بوجه عام، والتي تجعل من الدولة " دولة سيادة القانون ".


حيث يلتزم فيها رجال القضاء والحكومة بمراعاة كافة القواعد التي يضعها القانون لضمان الحياة الجماعية واحترام حريات وحقوق الأفراد.


:شاهد أيضاً




واحة القانون

law oasis

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -