Header Ads

تعريف القانون الجنائي وأهم مبادئه وأقسامه وخصائصه وأهدافه وتاريخه

تعريف القانون الجنائي:

تعريف القانون الجنائي : " هو ذلك القانون المختص بإنشاء الجرائم والعقوبات. أو بعبارة أخرى: هو مجموعة القواعد القانونية التي تحدد الجرائم الجنائية والعقوبات المقررة لها. وهو قانون مكتوب يصدر عن السلطة التشريعية المختصة ".

 
ما هو تعريف القانون الجنائي؟
تعريف القانون الجنائي I مقدمة في القانون الجنائي العام والخاص


مقدمة في القانون الجنائي: يتناول هذا المقال الدليل الشامل حول تعريف القانون الجنائي وبيان ماهيته ووظائفه وأقسامه، وأبرز مبادئ القانون الجنائي التي تتصدر قواعد العدالة الجنائية، وذلك من خلال العناصر التالية:

 

  • ما هو تعريف القانون الجنائي؟
  • ما الفرق بين القانون الجنائي وقانون العقوبات؟
  • أقسام القانون الجنائي.
  • خصائص القانون الجنائي.
  • الفرق بين قواعد القانون الجنائي وقواعد الدين.
  • الفرق بين قواعد القانون الجنائي وقواعد الأخلاق.
  • مبادئ القانون الجنائي.
  • ما هو الفرق بين القانون الجنائي العام والخاص؟
  • تاريخ القانون الجنائي.
  • دور الشريعة الإسلامية في تطور القانون الجنائي.
  • من وضع القانون الجنائي المصري؟

 

وفيما يلي تلخيص لما أجملناه في العناصر السابقة بشكل دقيق ومركز حتى تتضح الصورة بشأن ماهية القانون الجنائي ودوره في المجتمع وبناء دولة القانون وحماية الأفراد.

 

ما هو تعريف القانون الجنائي؟

 

تعددت الإسهامات الفقهية في تعريف القانون الجنائي criminal law وإن كانت تتَّحد جميعها في مبناها ومعناها، ونذكر منها أهم ثلاثة صيغ فقهية قيلت في تعريف القانون الجنائي:

 
تعريف القانون الجنائي, ما هو القانون الجنائي؟
تعريف القانون الجنائي

يقول السيد الأستاذ الدكتور/ أحمد عوض بلال في تعريف القانون الجنائي بإيجاز أنه:

 

" ذلك الفرع من فروع القانون الذي يعالج الأفعال والامتناعات التي تعد جرائم جنائية criminal crimes في نظر القانون، والجزاءات الجنائية المقررة من أجلها ".

 

ويقول السيد الأستاذ الدكتور/ عبد الرؤوف مهدي في تعريف القانون الجنائي أنه:

 

" فرع من فروع القانون law تحدد به الدولة الأفعال البشرية المعتبرة جرائم لما تنطوي عليه من إحداث اضطراب في المجتمع نتيجة لإضرارها أو تهديدها للمصالح الهامة للمجتمع أو الأفراد، وتحدد به العقوبات المقررة لمن يرتكب هذه الأفعال ".

 

كما ذهب السيد الأستاذ الدكتور/ عبد الفتاح مصطفى الصيفي في تعريف القانون الجنائي أنه:

 

" مجموعة القواعد القانونية التي تحدد الجرائم وتعين العقوبات والتدابير الوقائية المقررة لها، ويوصف القانون الذي يضمها بـ " القانون الجنائي الموضوعي substantive criminal law ".

 

ويخلع عليه المقننون تسمية "قانون العقوبات penal law" ويسميه الفقهاء "قانون العقوبات" أو "القانون الجنائي" أو "القانون الجزائي" أو "النظام الجزائي" أو "الحقوق الجزائية".

 

ما الفرق بين القانون الجنائي وقانون العقوبات؟

 

ان فقه القانون الجنائي قد درج (تعود) على استعمال مصطلحي القانون الجنائي و قانون العقوبات كمترادفات يعبر كل منهما عن الآخر بمعنى القانون الجنائي الموضوعي.

 

ولكن القانون الجنائي بمعناه الواسع (الشامل) يشتمل على كل من قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية على النحو سالف البيان.

 

إذن فوفقاً للمعنى الشامل للقانون الجنائي:

 

يمكن القول بأن العلاقة بين القانون الجنائي وقانون العقوبات هي علاقة الأصل بالفرع، فالقانون الجنائي بمفهومه الشامل هو القانون الذي يحكم العدالة الجنائية بشكل عام (موضوعياً وإجرائياً) أما بالمعنى الفني وباعتباره مرادفاً لقانون العقوبات فالقانون الجنائي هو قانون العقوبات.

 

أقسام القانون الجنائي, قانون العقوبات وقانون الاجراءات الجنائية
أقسام القانون الجنائي

أقـسام الـقانون الـجنائي :

 

يشتمل القانون الجنائي criminal law ( بمفهومه الشامل ) على قسمين رئيسيين يكمل كل منهما الآخر ولا غنى لكل منهما عن الآخر، وهما: قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية. فبهما تكتمل العدالة الجنائية داخل الدولة القانونية.

 

وفي شأن الفرق بين قواعد قانون العقوبات وقواعد قانون الإجراءات الجنائية، يتفق فقه القانون الجنائي على ما يلي:

 

قانون العقوبات penal law :

 

تعريف قانون العقوبات : " هو قانون موضوعي substantive ، ويقصد به؛ مجموعة القواعد القانونية التي تعالج الجرائم الجنائية وتحدد العقوبات المقررة لها ".

 

وهو قانون موضوعي لأنه يعالج مسائل تتعلق بـ التجريم والعقاب Criminalization and punishment ، أي مدى ثبوت حق الدولة في العقاب من عدمه من حيث نشأة ذلك الحق ونطاقه واقتضاؤه.

 

ولذلك؛ يمكن القول بأن كل ما يتعلق بإنشاء الجرائم الجنائية وتحديد أركانها وتحديد نطاق المسئولية عنها Criminal liability والجزاء ( العقوبة ) المقررة من أجلها، يدخل في إطار القواعد الموضوعية للقانون الجنائي، أي قواعد قانون العقوبات.

 

وبعبارة أخرى: تحدد قواعد قانون العقوبات الشروط التي تكتسب بها الواقعة أهمية قانونية فتعد جريمة crime، وتصلح لأن تترتب عليها آثار قانونية من نوع خاص، وما يلحق بها من نظم جنائية.

 

وينقسم قانون العقوبات إلى قسمين هما قانون العقوبات القسم العام وقانون العقوبات القسم الخاص أو القانون الجنائي العام والقانون الجنائي الخاص.

القانون الجنائي العام والقانون الجنائي الخاص
القانون الجنائي العام والقانون الجنائي الخاص


وقانون العقوبات الساري في مصر (القانون الجنائي المصري) هو قانون العقوبات رقم (58) لسنة 1937.

 

قانون الإجراءات الجنائية criminal law procedure :

 

أما تعريف قانون الإجراءات الجنائية : " هو ذلك الفرع من فروع القانون العام public law الذي تنظم الدولة بموجبه سلطتها في توقيع العقاب على من يثبت ارتكابه لجريمة ".

 

فقانون الإجراءات الجنائية يشتمل على مجموعة من القواعد ذات الطبيعة الإجرائية أو الشكلية procedural ، التي تحدد الطرق أو الكيفية التي يستوفى من خلالها حق المجتمع في العقاب.

 

أو يمكن القول بعبارة أخرى أن قانون الإجراءات الجنائية procedural criminal law هو مجموعة القواعد التي تنظم النشاط الذي تباشره السلطة العامة بسبب جريمة تم ارتكابها، بهدف الوصول إلى المسئول عنها وتوقيع الجزاء الجنائي عليه.

 

وقانون الإجراءات الجنائية المصري الساري حالياً في مصر هو القانون رقم (150) لسنة 1950.

 

أهمية التمييز بين قواعد قانون العقوبات وقواعد قانون الإجراءات الجنائية:

 

تبدو أهمية التمييز بين قواعد قانون العقوبات وقواعد قانون الإجراءات الجنائية ( أقسام القانون الجنائي ) في سريان بعض الأحكام العامة للقانون الجنائي على إحداهما دون الأخرى.

 

ومن ذلك مثلاً بشأن تفسير النصوص الجنائية : أن تفسير القواعد الموضوعية التي تتعلق بالتجريم والعقاب لا يسمح فيه بالقياس، بينما تفسير القواعد الإجرائية يسمح فيه بالقياس.

 

ومن ذلك أيضاً: إمكانية سريان القاعدة الجنائية الموضوعية على المتهم بأثر رجعي retroactivity وعلى ما قد وقع قبل صدورها من وقائع إذا كانت في مصلحة المتهم.

 

بينما القاعدة الجنائية الإجرائية لا يكون لها في كل الأحوال سوى أثر مباشر بغض النظر عما إذا كانت في مصلحة المتهم أم ضده.

 

القاعدة الجنائية الموضوعية والقاعدة الجنائية الشكلية (الإجرائية):

 

ان تحديد طبيعة القاعدة الجنائية من حيث كونها قاعدة جنائية موضوعية أم إجرائية لا يرتبط بمكان ورودها في التشريع statute.

 

أي أنه ليس بالضرورة أن كل قاعدة واردة في قانون العقوبات هي قاعدة موضوعية وكل قاعدة واردة في قانون الإجراءات الجنائية هي قاعدة شكلية.

 

فقد يحدث - على سبيل الاستثناء - وأن ترد قاعدة إجرائية في مدونة قانون العقوبات penal law وأن ترد قاعدة موضوعية في قانون الإجراءات الجنائية.

 

والعبرة هنا هي بتحديد طبيعة القاعدة نفسها أي طبيعة الموضوع الذي تعالجه وهل هو حكم موضوعي أم يتعلق بقاعدة إجرائية شكلية.

 

مبادئ القانون الجنائي :

 

في الحقيقة؛ ان القانون الجنائي يقوم على مجموعة كبيرة من المبادئ والأسس التي تعبر عما وصلت إليه البشرية من فكر وتحضر بشأن إدارة منظومة العدالة الجنائية.

 

ومن هذه المبادئ ما هو موضوعي يتعلق بالتجريم والعقاب، ومنها ما هو إجرائي يتعلق بالإجراءات الجنائية وقواعد التحقيق في الجرائم Crime investigation والبحث والتحري والاتهام والمحاكمة.

 

  1. المبادئ الموضوعية (مبادئ قانون العقوبات).
  2. المبادئ الجنائية الإجرائية (مبادئ قانون الإجراءات الجنائية).

 

ومن أبرز مبادئ القانون الجنائي في المجال الموضوعي (مجال إنشاء الجرائم وتحديد عقوباتها):

 

مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات (nullum crimen nulla poena sine lege) أي لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. وما يترتب عليه من مبادئ فرعية كعدم رجعية نصوص التجريم والعقاب إلا إذا كانت لصالح المتهم، وعدم جواز اللجوء إلى القياس بشأن التجريم والعقاب.

 

وكذلك مبدأ شخصية المسئولية الجنائية وشخصية الجزاء الجنائي، ومبدأ قضائية العقوبة الجنائية، ومبدأ التناسب بين الجريمة والعقوبة .... الخ.

 

ومن أبرز مبادئ القانون الجنائي في المجال الاجرائي (مجال التحقيق والاتهام والمحاكمة):

 

مبدأ مشروعية الإجراءات الجنائية بشكل عام وهو مبدأ واسع المضمون يحمل بين طياته العديد من أسس الإجراءات الجنائية التي ينبغي على السلطة العامة احترامها عند ملاحقة المجرمين ومحاكمتهم.

 

وفي مقدمة الأسس الإجرائية للقانون الجنائي: مبدأ احترام حرمة الحياة الخاصة، وعدم الاعتداد بالأدلة المتحصلة بطريقة غير مشروعة وعدم جواز إجبار الشخص أن يكون شاهداً ضد نفسه وبطلان الإجراء الجنائي الناتج عن تعذيب أو ضغط ..الخ.

 

 خصائص القانون الجنائي :

 

يتميز القانون الجنائي بمجموعة من الخصائص الذاتية التي تميزه وتبرز طبيعته الخاصة سواء من الناحية الموضوعية أو الناحية الإجرائية، ولعل مرد ذلك إلى أهمية القانون الجنائي وأهمية دوره في المجتمع.

 

  • القانون الجنائي فرع من فروع القانون العام.
  • القانون الجنائي هو الشريعة العامة في التجريم والعقاب.
  • القانون الجنائي لا يصدر إلا عن السلطة التشريعية المختصة دستورياً بإصداره.
  • القانون الجنائي هو قانون مكتوب لا يعرف القواعد العرفية.
  • القانون الجنائي يقوم على مبدأ الضرورة الاجتماعية في التجريم.
  • القانون الجنائي يقوم على مبدأ الضرورة والتناسب في التجريم والعقاب.
  • القانون الجنائي قانون صريح يقوم على صفتي الوضوح والتحديد.
  • القانون الجنائي يقوم على حظر الأثر الرجعي لنصوص التجريم والعقاب.
  • القانون الجنائي هو قانون أفعال لا يعاقب على النوايا.
  • القانون الجنائي يقوم على مبدأ المساواة في التكليف الجنائي.

 

ولاشك أن القانون الجنائي له العديد من الخصائص الذاتية التي تميزه عن غيره من القوانين إلا أن خصائص القانون الجنائي تحتاج إلى تفصيل أكثر مما يستوجب إفرادها في موضوع مستقل.

 

شرح قانون العقوبات
شرح القانون الجنائي

ما الهدف من القانون الجنائي؟ دور القانون الجنائي في المجتمع:

 

في الحقيقة: ان الهدف من القانون الجنائي هو سؤال يقال في إجابته الكثير خاصة وأن وظائف أهداف القانون الجنائي تزداد اتساعاً وتعقيداً بمرور الوقت نظراً لارتباطها بالتغيرات الاجتماعية السريعة والمتلاحقة والتي لا تتوقف.

 

ولكن يمكن بشكل عام أن يتم تسليط الضوء على الأهداف الرئيسية للقانون الجنائي كأفكار عامة تتسع في مضمونها لمعان كثيرة وهي على النحو التالي:

 

  • الهدف من القانون الجنائي هو تحقيق العدالة: وهي الوظيفة الرئيسية الكبرى للقانون الجنائي، وهي اقتضاء حق المجني عليه والمجتمع من الجاني وإزالة آثار الجريمة بقدر الإمكان. وبعبارة أخرى: إعادة التعادل للميزان الذي اختل بسبب وقوع الجريمة.
  • الهدف من القانون الجنائي هو حماية كيان الدولة: وذلك بالحفاظ على الدولة وسلطاتها العامة وكفالة إلزام الجميع بالانصياع للقوانين. ويعبر القانون الجنائي عن استئثار الدولة بحق عقاب الجناة، وإلا ساد الانتقام وعمَّت الفوضى وانهار النظام العام.
  • الهدف من القانون الجنائي هو حماية المجتمع: في أمنه واستقراره وانتظام الحياة العامة والمعاملات المختلفة بين أفراد المجتمع.
  • الهدف من القانون الجنائي هو توفير الأمن والطمأنينة للأفراد: حيث يأمن كل شخص على مصالحه وأمواله وأبناءه وذويه لأنهم بشكل عام في حماية القانون حيث لا يستطيع الفرد مرافقة كل ما سبق لحمايته بشكل دائم.

 

والواقع أن الأهداف السابقة للقانون الجنائي لم تكن على سبيل الحصر وإنما هي محاور أساسية يمكن أن يشتمل كل منها على أهداف فرعية أخرى للقانون الجنائي. فتعقد المجتمعات الحديثة وارتفاع معدلات الجرائم وفقاً لمؤشرات علم الإجرام يعمق من دور القانون الجنائي في المجتمع بلا جدال.

 

ويكفل التطبيق الصحيح لنصوص التجريم والعقاب مكافحة الجرائم وحماية المجتمع من شرورها عن طريق تحقيق الردع العام والردع الخاص

 

ما الفرق بين قواعد القانون الجنائي وقواعد الدين والأخلاق؟

 

إن الصفة الوضعية لقواعد القانون الجنائي كان ولابد أن تفرض اختلافاً ظاهراً بين قواعد القانون الجنائي كقواعد قانونية وقواعد الدين وقواعد الأخلاق.

 

فالقانون الجنائي criminal law قانون خطير بالنظر إلى طبيعته وارتكازه على سطوة الأمر والنهي في المجتمع باستخدام التجريم والعقاب.


كما أن الآثار التي تترتب على تحريك قواعد القانون الجنائي في مواجهة الأفراد خطيرة جداً تتمثل في إنزال أحكام الجزاء الجنائي criminal punishmentعلى من تثبت في حقه المسئولية الجنائية عن الفعل المجرَّم.

 

الفرق بين قواعد القانون الجنائي وقواعد الأخلاق:

 

كقاعدة عامة: المشرع الجنائي criminal legislator لا يجرم الأفعال المنافية للأخلاق على الدوام، فلا يمكن القول إن كل فعل غير مقبول أخلاقياً هو جريمة جنائية، فذلك غير صحيح.

 

وإنما يقوم المشرع بتجريم أنماط السلوك (الأفعال) التي يرى فيها قدر معين من الخطورة الإجتماعية وفقاً لما تقتضيه مصلحة المجتمع ويرى جدارة هذه الأفعال بالتجريم الجنائي في إطار مبدأ الضرورة والتناسب في التجريم والعقاب Criminalization and punishment.

 

كما أن القانون الجنائي محكوم بمجموعة من المبادئ التي لا يمكنه تخطيها أثناء ممارسة دوره في التجريم والعقاب، كالقيم الإنسانية العالمية ومبادئ حقوق الإنسان.

 

والقانون الجنائي محكوم أيضاً بمبادئ الشرعية الدستورية في قانون العقوبات وفي مقدمتها مبدأ الشرعية الجنائية ومبدأ وضوح وتحديد نصوص التجريم الجنائي والعقاب ...الخ.

 

ولذلك؛ فإن القانون الجنائي criminal law قد لا يجرم أفعال معينة قد تبدو منافية لمبادئ الأخلاق مهما بلغت دناءة هذه الأفعال طالما أنها لم ترد بأحد نصوص التجريم والعقاب الواردة بالقانون، وذلك التزاماً بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.

 

مثال ذلك: الكذب أو كما يطلق عليه فقه القانون الجنائي " الكذب المجرد " طالما لم يترتب عليه اكتمال البنيان القانوني لجريمة ما منصوص عليها قانوناً.

 

وبالمقابل: قد يتدخل القانون الجنائي criminal law بتجريم أفعال معينة - حفاظاً على مصلحة الجماعة - على الرغم من أنها لا تبدو منافية للأخلاق ويشملها بالتجريم الجنائي.

 

وذلك حينما يرى المشرع أن خطورتها على المجتمع توجب مواجهتها عن طريق القانون الجنائي من خلال التجريم والعقاب.

 

الفرق بين قواعد القانون الجنائي وقواعد الدين:

 

إن القانون الجنائي يجب أن يكون قانون واضح (clear law) ومحدد في إرسال التكليف الجنائي إلى الأفراد (افعل ولا تفعل / من فعل كذا يعاقب بكذا).

 

وذلك حفاظاً على حقوق وحريات الأفراد من أن يتم العصف بها أو تهديدها لو ترك أمر التجريم والعقاب في يد السلطة العامة دون حدود واضحة ودقيقة. والتزاماً بمبدأ الشرعية الجنائية من زاوية أخرى.

 

فعلى المشرع الجنائي أن يسلم القاضي الجنائي Criminal judge نصوصاً صريحة ومحددة في شأن العقوبات الجنائية لينزلها على مرتكبي الجرائم دون أي تعديل أو تغيير في نوع أو مدة العقوبة الجنائية.

 

ولذلك: فإن تطبيق قواعد الأديان كمصادر مباشرة للتجريم الجنائي والعقاب قد يؤدي إلى فوضى كبيرة وانتقائية وتمييز في مجال التجريم والعقاب وهو ما ثارت عليه المجتمعات الإنسانية منذ زمن بعيد.

 

وفي التاريخ خير دليل على ما عانته البشرية من سلطة تحكمية واستبدادية للكيانات الدينية ورجال الدين في هذا المجال، وقد سطر التاريخ أطواراً قاتمة للإنسانية خلال تطور التجريم والعقاب كان يتم فيها الحكم بأقسى العقوبات على أتفه الأفعال.

 

وحتى داخل الشريعة الواحدة نجد تنوعاً واختلافاً كبيراً في الأحكام والأفكار والمذاهب بما يتنافى مع صفتي الوضوح والتحديد التي يجب أن تتوافر لقواعد القانون الجنائي، وتتنافى كذلك مع مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.

 

كما تفتح المجال أمام تحكم قضائي واسع المجال عند تطبيق العقوبات الجنائية. فنجد شخصين ارتكبا نفس الجريمة وتم توقيع عقوبة مختلفة تماماً لكل منهم. فتتفاوت مصائرهما رغم تطابق فعليهما.

 

وبالتالي: فإنه ليس كل فعل محرم دينياً هو جريمة جنائية وليست كل جريمة جنائية هي ذنب أو خطيئة دينية. فهناك أفعال خطيرة للغاية من منظور ديني لم تعد اليوم مجرمة بمقتضى نصوص القانون الجنائي.

 

ومثال ذلك: السحر والزنا والمثلية الجنسية في بعض المجتمعات. سواء لصعوبة تحديد البنيان القانوني للجريمة بشأن هذه الأفعال أو لقناعة بعض المجتمعات أن الحرية الفردية تقتضي عدم تجريم مثل هذه الأفعال.

تاريخ القانون الجنائي
تاريخ القانون الجنائي

تـاريخ الـقانون الـجنائي:


نبذة عن تاريخ القانون الجنائي (Criminal Law) في العصر الحديث. ودور الشريعة الإسلامية في تطور تاريخ القانون الجنائي. ومدى حاجة القانون الجنائي الحالي إلى التعديل أو التغيير.


  1. تطور القانون الجنائي مرتبط بتطور المجتمع.
  2. دور الشريعة الإسلامية في تطوير القانون الجنائي.
  3. المحاكم المختلطة وقانون العقوبات الأهلي وقانون تحقيق الجنايات الأهلي.
  4. قانون العقوبات المصري رقم ٣٨ لسنة ١٩٣٧.
  5. الحاجة إلى تغيير القانون الجنائي المصري ووضع قانون عقوبات جديد.


تطور تاريخ القانون الجنائي ( criminal law) مع تطور المجتمع  ذاته والتغيرات السياسية الكبرى التي لحقت به منذ الحقبة الفرعونية حتى الآن مروراً بالعصرين الإغريقي والروماني والفتح الإسلامي في القرن السابع عام 640م.


وقد حلَّت الشريعة الإسلامية (Islamic law) محل التشريعات العقابية القديمة التي كانت سائدة قبل الفتح الإسلامي، وظلت أحكام النظام الجنائي الإسلامي مطبقة حتى ظهور حركة الإصلاح التشريعي في أواخر القرن التاسع عشر.


دور الشريعة الإسلامية في تطور تاريخ القانون الجنائي:


وعلى الرغم من أن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية خلال فترات كبيرة من تاريخ التشريع العقابي الحديث لم يكن دقيقاً، إذ نظر أغلب الحكام إلى العقوبة كوسيلة لتدعيم سلطانهم السياسي وإرهاب خصومهم.


فحلت إرادة الحاكم محل قواعد الشريعة، واستهدف العقاب غايات لا تلتئم مع المبادئ الأساسية التي تقوم عليها أحكام الشريعة الإسلامية. ولم يكن التطبيق من جانب الأشخاص موفقاً في تلك المرحلة من مراحل تاريخ القانون الجنائي.


إلا أن الشريعة الإسلامية تعد بلا شك أهم الشرائع التي سادت خلال تلك الفترات من تاريخ القانون الجنائي Criminal Law، إذ أن الإلمام بها وبأحكامها على نحو يقيني متاح.


كما أنه لازال للشريعة الإسلامية تأثيرها - في مواضع محددة - على التشريع الجنائي الحالي، ومن ذلك:


نص المادة السابعة من قانون العقوبات المصري رقم (38) لسنة 1937، وكذلك نص المادة (60) من قانون العقوبات penal law الذي يقضي بأنه: "لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة".


قانون العقوبات الأهلي وقانون تحقيق الجنايات الأهلي:


إنشاء المحاكم المختلطة وصدور قانون العقوبات وقانون تحقيق الجنايات الأهلي ١٨٨٣:


وفي سنة 1875 أنشئت المحاكم المختلطة ثم صدرت القوانين التي تطبقها، ومن بينها قانون العقوبات وقانون تحقيق الجنايات اللذان صدرا وعمل بهما في سنة 1876.


ولكن صدور هذين القانونين لم يكن له أثر ملحوظ، لأن الاختصاص الجنائي للمحاكم المختلطة قد حصر في نطاق ضيق.


ويعد التوقيت الفاصل والحقيقي في شأن تاريخ القانون الجنائي وتطور التشريع العقابي المصري الحديث هو 13 نوفمبر سنة 1883 حين صدر قانون العقوبات الأهلي وقانون تحقيق الجنايات الأهلي لتطبقهما المحاكم الأهلية التي أنشئت في نفس السنة.


وبصدور قانون العقوبات الأهلي؛ دخل قانون العقوبات المصري طوراً هاماً في تاريخ القانون الجنائي واقترب من التشريعات الحديثة، واحتكرت فيه الدولة الحق في العقاب (Right to Punishment) وتراجعت عن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.


وعرفت مصر للمرة الأولى تشريعاً جنائياً شاملاً موحداً (comprehensive and uniform criminal legislation)، سهل الصياغة ومحكم التبويب.


كما حرص على إيراد الضمانات الكبرى للأفراد كمبدأ الشرعية الجنائية (criminal legality) و مبدأ المساواة في القانون الجنائي، ومبدأ شخصية العقوبة الجنائية، ومبدأ قضائية العقوبة الجنائية.


وفي 14 فبراير سنة 1904: تم إلغاء قانونا العقوبات وتحقيق الجنايات الأهليان، وحل محلهما قانونان جديدان استفاد الشارع في وضع أحكامهما مما كشفت عنه التجربة أثناء تطبيق قانوني سنة 1883.


كما حرص المشرع على أن يدمج فيهما التشريعات الجنائية التي صدرت في الفترة من سنة 1883 إلى 1904.


من وضع القانون الجنائي المصري؟


وحينما عادت لمصر السيادة الوطنية في مجالي التشريع والقضاء بعد إلغاء الامتيازات الأجنبية في مصر اعتباراً من 15 أكتوبر عام 1937، تم وضع تقنين جديد للعقوبات صدر به القانون رقم 58 لسنة 1937 ليعمل به ابتداء من 15 أكتوبر لسنة 1937.


وقانون العقوبات رقم (58) لسنة 1937 لايزال هو الساري في مصر حتى الآن، وإن أدخلت عليه بعض التعديلات الجزئية المتفرقة لتواكب المتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية العديدة التي لحقت بالمجتمع المصري.


كما صدرت إلى جانبه عشرات من التشريعات الجنائية الخاصة (Special Criminal Legislation) في مجالات متنوعة.


الحاجة إلى تغيير القانون الجنائي المصري الحديث وإصدار قانون عقوبات جديد:


بيد أن متغيرات كثيرة أهمها تطور الفكر الجنائي وتعاظم قيم حقوق الانسان، والأبعاد الخطيرة التي اتخذتها الظاهرة الإجرامية criminal phenomenon، جعلت من الملائم إعادة النظر في القانون الجنائي المصري.


وأظهرت الحاجة إلى إعداد مشروع قانون جديد يعكس المتغيرات السابقة ويجمع بين شتات التعديلات المتلاحقة.

 

ما هي مادة القانون الجنائي؟


هي إحدى أهم المواد الدراسية التي تدرس في مجال القانون بكليات الحقوق (كليات القانون) إن لم تكن أهمها على الإطلاق.


وتنقسم دراستها إلى عدة مراحل ولكن بشكل عام يتم تدريس مادة القانون الجنائي criminal law بمسمى قانون العقوبات القسم العام بالفرقة الثانية بكلية الحقوق.


ويتم تدريس مادة القانون الجنائي تحت مسمى قانون العقوبات القسم الخاص بالفرقة الثالثة بكلية الحقوق، ويتم تدريس قانون الإجراءات الجنائية بالفرقة الرابعة بكلية الحقوق.


وهي من أهم المواد التي يدرسها طلاب كليات الحقوق ويظهر فيها شغف دراسة القانون ودور القانون الجنائي في حماية المجتمع.


خاتمة: تعريف القانون الجنائي : هو مجموعة القواعد القانونية الحاكمة للتجريم والعقاب، أقسام القانون الجنائي هي: قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية، أما أقسام قانون العقوبات فهي قانون العقوبات القسم العام وقانون العقوبات القسم الخاص.


المصادر sources:

  1. كتاب الدكتور/ أحمد محمد عبد المجيد، دور القضاء الدستوري في تفعيل الضمانات الدستورية في التجريم والعقاب.
  2. كتاب الأستاذ الدكتور/ أحمد عوض بلال، مبادئ قانون العقوبات المصري "القسم العام"، القاهرة.
  3. كتاب الأستاذ الدكتور/ محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات (القسم العام)، القاهرة.

 

يتم التشغيل بواسطة Blogger.